التحية سلوك يبدأ به الناس مقابلاتهم وتجمعاتهم، والأصل فيها قول القادم: السلام عليكم كما أمر بذلك الإسلام فيردّ السامع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته لقول القرآن ﴿وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها﴾ النساء: 86 . وابتداء السلام سنة ورده فرض، وإذا كانوا جماعة فابتداؤه سنة على الكفاية ورده فرض كذلك. والتحية بهذه الطريقة فيها نشر للبركة وتعميم للخير وإبداء رغبة في السلام وطلب الرحمة من الله. وللتحية آداب عامة حددها الشرع الحكيم من نحو بَدْء القادم بالتحية على المقيم، والراكب على الماشي، والواقف على الجالس، والصغير على الكبير، وغير ذلك من الآداب التي فصلتها السنة النبوية الشريفة. وقد حرص القرآن الكريم في بعض مواضعه على ذكر أهمية السلام والتحية وما لها من آثار فقال تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون﴾ النور:27 . وقال أيضًا: ﴿فإذا دخلتم بيوتًا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة﴾ النور: 61.
هناك أنواع أخرى للتحية بين البشر لا تتعدى كونها نظامًا أو أسلوبًا عامًا تضعه وتفرضه بعض الجماعات النظامية، منها: التحية العسكرية وهي تعبر عن الاحترام لضابط أو لعَلَم أو لبلد. وهناك أنواع أخرى من التحية تتضمن المصافحة بالأيدي والحركات المتقنة للمتبارزين.
التحية العسكرية بالأيدي. تتشابه التحيات العسكرية في العديد من البلدان. وتحدد النظم العسكرية الشكل الذي تأخذه التحية العسكرية بالأيدي. ففي بعض الجيوش مثلاً يجب على العسكريين أداء التحية بالأيدي على مسافة لا تزيد عن 30 خطوة، ولا تقل عن 6 خطوات وذلك برفع اليد اليمنى برشاقة إلى الجبهة بحيث تشير الكف إلى أسفل وأصبع السبابة إلى حافة القبعة.
يرفع الساعد في زاوية مقدارها 45 درجة ويجب على الجنود أن ينظروا مباشرة إلى الضابط حين يحيونه، كما يجب على الضابط أن يرد التحية إذا أمكن. يجب على الجنود أداء التحية بغض النظر عما إذا كانوا يرتدون قبعاتهم أم لا، كما يجب على العاملين في بعض الأساطيل البحرية أن يرتدوا قبعاتهم أثناء أداء التحية. ويحيي البحارة على متن السفينة ضابطهم مرة واحدة في اليوم فقط، وذلك عند لقائه أثناء دخولهم السفينة ما عدا في حالات التبليغ أثناء فترة خدمتهم اليومية. يؤدي الضباط والمتطوعون من العاملين التحية للعلم وللضابط المسؤول على ظهر السفينة حين يصعدون إلى سفينتهم وحين يغادرونها.
يجب على الجنود الذين يرتدون الزي العسكري الوقوف في حالة انتباه وأداء التحية أثناء أداء النشيد الوطني، وحين يرتفع العلم وحين ينخفض. كما يجب عليهم أداء التحية حين يمرون بالعلم أو حين يمر بهم في موكب، ويجب على الجندي الذي يركض أن يخفض سرعته لمستوى السير العادي قبل أن يؤدي التحية. يجوز للجنود ذوي المستوى الرفيع وحدهم أداء التحية. أما السجين فلا يجب عليه أداء التحية. تبنت بعض الأنظمة السياسية أشكالاً محددة من التحية التي يجب على الجميع أداؤها. في إيطاليا الفاشية وألمانيا النازية كان المدنيون والجنود يؤدون التحية برفع الساعد الأيمن إلى الأمام في زاوية بحيث تتجه الكف إلى أسفل. أما الروس والأسبان العسكريون والمدنيون فإنهم كانوا أحيانًا يستخدمون قبضتهم في التحية باليد اليمنى. وتبنت بعض الأحزاب السياسية أحيانًا مثل هذا النوع من التحية.
أداء التحية بالسلاح. تشكيلات من الجنود تحمل البنادق وتستعرض السلاح أمام الضباط. يؤدي الجنود ذلك برفع البنادق رأسيًا أمامهم وأن يتجه زناد البندقية إلى الأمام ويقوم الحراس الواقفون أيضًا باستعراض أسلحتهم.
يؤدي الجنود المشاة أفرادًا أو تشكيلات تحية البنادق برفع الذراع الأيسر على أن يكون الرسغ والأصابع في خط مستقيم وتلامس البندقية في نقطة تقع بالتحديد خلف مكان التصويب الخلفي.
تتبادل الطائرات والسفن التحية أيضًا. الطائرات تخفض أجنحتها أو تنحرف بها، أما السفن التي تمر قرب بعضها في وسط البحار فإنها تلوح بالعلم إلى أسفل مرة واحدة. أما السفن التجارية فإنها ترفع العلم الوطني للبلد الذي تزوره في الموانئ خارج بلادها.
أنواع أخرى للتحية. تستخدم طلقات المدافع ودقات الطبول والموسيقى أحيانًا لتحية الشخصيات المرموقة الزائرة. ويعتمد عدد القذائف التي تطلق على أهمية الزائر، فحين يزور رئيس دولة بلدًا آخر فإن القوات المسلحة تطلق إحدى وعشرين قذيفة، و 4 دقات على الطبول، والنشيد الوطني لبلد الرئيس الزائر، ويمكن أن تؤدَّى أشكالٌ أخرى من التحية تتقلص فيها الطلقات إلى خمس. كما أنَّ للسفن الحربية أشكالاً مشابهة من التحية.